فخلال أسبوع كامل، يُطلب من الطلبة حضور العروض المسرحية والمشاركة بفعالية في اللقاءات والورشات، بهدف إنتاج مقالات نقدية أو تقارير تحليلية تدخل ضمن تقييماتهم الدراسية، في مشهد يؤكد على الارتباط العضوي بين التكوين الأكاديمي والممارسة الفنية المباشرة.

ورغم أنّ الورشات موجّهة أساسا للطلبة، فإنها تظل مفتوحة لهواة المسرح والطلبة الأجانب أيضا، كما يوضح المسعودي، مضيفا أن مشاركة الأساتذة والمحترفين المخضرمين فيها تحمل رسالة واضحة بأن الإبداع لا يتطور دون تعلم دائم وتواضع معرفي.

وتُعد أيام قرطاج المسرحية فرصة ذهبية للطلبة للالتقاء مباشرة بفنانين محترفين في مجال المسرح، واكتشاف الجوانب العملية للمهنة التي تقوم على البحث، والعطاء، وروح المشاركة، والعمل الإبداعي الحي. كما تمثل الورشات النظرية والعملية وسيلة لترسيخ أهمية انفتاح التعليم الأكاديمي على الوسط الفني، فطلاب اليوم هم فنانو الغد. ولهذا الغرض خُصصت ست قاعات بالمعهد لاستضافة مخرجين محليين ودوليين من ذوي الخبرة.

ورشة إيغور ياتسكو

للسنة الثانية، يعود المخرج الروسي إيغور ياتسكو ليقدّم ورشة عملية حول «الأداء باعتباره جوهر الإبداع المسرحي وعمل الممثل». وتدعو الورشة المشاركين إلى فهم أعمق لأبعاد الحركة الثلاث: الجسدية، النفسية، واللفظية، وكيفية تنسيقها لتحقيق حضور مسرحي أقوى وأداء أكثر ديناميكية. تنتظم دروس هذه الورشة في شكل مجموعات بهدف تجسيد مجموعة من الحركات والمهام والرهانات التي تطوّر المستويات الجمالية والنفسية وطريقة الخطاب.

ورشة علي عبد النبي زيدي

يتبنّى الكاتب العراقي علي عبد النبي زيدي مقاربة تفاعلية تقود المشاركين إلى استكشاف رحلة النص المسرحي من الفكرة الأولى إلى العرض الحي. ويشدد على أهمية ارتباط الكاتب بواقعه وبمشاغل المتلقي «هنا والآن»، حتى عند الاشتغال على نصوص كلاسيكية. تدور فكرة الورشة حول كيفية كتابة نص مسرحي من الورق إلى الخشبة، واكتشاف مفاتيح تحويل

الفكرة منذ ولادتها إلى عرض حيّ يمنح النص الروح والحياة. والكتابة هنا ليست مجرد كلمات على الورق، بل لقاء بين عقل المؤلف وعين المخرج، لتصير الشخصيات قادرة على النطق والحركة.

وتعتمد الورشة على تمارين يومية لصقل الخيال وكتابة نصوص قصيرة، على أن تتواصل لاحقا عبر الواتساب لعدة أشهر، مع إمكانية نشر النصوص في كتاب جماعي.

ورشة جمال ياقوت

وفي ورشة «تقنيات الارتجال» التي يقدمها الفنان المصري جمال ياقوت، يكتشف المشاركون آليات الخلق المسرحي عبر الارتجال بعيدا عن النصوص الجاهزة، مما يساعدهم على فهم أعمق للشخصيات والأحداث والصراعات.

ورشة محمد مومن  

يقترح الناقد التونسي محمد مومن ورشة بعنوان «على طريق النقد المسرحي»، تتوزع على خمس جلسات وتتناول أدوات تحليل العرض المسرحي. وينطلق المسار من النص المُمَثّل وبنيته الدرامية، وصولا إلى قواعد الكتابة المسرحية وكيفية تفكيك بنيتها الإبداعية.

ورشة إيفدوكيموس تسولاكيدس 

يقدم الفنان اليوناني المتعدد المواهب إيفدوكيموس تسولاكيدس ورشة «الممثل وقوة القناع»، التي تنقسم إلى شقين: الارتجال المسرحي، حيث يعزز المشاركون تركيزهم وحضورهم وخيالهم؛ ثم «قوة القناع»، حيث يختبرون التحول الداخلي عبر القناع، ويستكشفون حركات وعواطف غريزية تجعل القناع كائنا حيا يقود الممثل نحو اكتشافات جديدة تتجاوز الأداء التقليدي.

ورشة الفاضل الجعايدي

بعد تقديمه سابقا ورشة «الممثل وقرينه»، يعود المخرج التونسي البارز الفاضل الجعايبي  ليقدم دورة تدريبية في الإخراج المسرحي. وتقوم ورشته على جعل الممثل نقطة البداية والنهاية، دون الاعتماد على نص جاهز، بل على خلق جماعي لموقف أو سؤال أو حركة أولى تفتح باب البحث في الحاضر والمكان.

ويرى الجعايبي أن الإخراج تجربة تشاركية تستكشف الإنسان من خلال جسده وأنفاسه وتصرفاته على الركح. ويلعب الإيقاع - بجميع أشكاله من حركة وصمت وتفاعل- دورا مركزيا في هذه العملية. فالممثل بالنسبة إليه شريك مفكر ومجرب يساهم في الطاقة الجماعية. وهكذا تتحول الورشة إلى مغامرة حيّة يصبح فيها الممثل صانعا للمعنى، ويتشكل العرض تدريجيا من اللحظة الراهنة.