عرض "ريش" لفرقة شادن للرقص المعاصر، تعيد فرقة صغيرة من الشغوفين بمسرح الحركة والرقص المعاصر بإعادة الاعتبار للجسد الإنساني الفلسطيني المنتهك، تصرخ الضحية في جلاده حتى يحترم حُرمةَ الجسد، الذي لا يمكن هزيمته.

يطرح "ريش" أسئلة وجودية حول النفس والسلطة، مثل: كيف تشكل السلطة عالمنا النفسي وواقعنا؟ هل يمكن للذات أن توجد بدون سلطة تشكلها؟ بين الخضوع والتحرر، بين الاستقلال والانتماء، يبدأ الصراع ومحاولات المقاومة. العرض يدعو الجمهور للتفكير في تأثير السلطة على حياتهم ورغباتهم، ويتركهم مع تساؤلات حول إمكانية التغيير

"عرض "ريش" ليس تراجيديًّا ، فللضحك حضور محوري؛ فهو تعبير عن المفارقات والتناقضات التي تتسم بها ذواتنا وحيواتنا، حيث يجتمع الخضوع والرغبة في التحرر في آنٍ معًا، ويلتقي الألم مع الفرح. إنها حكاياتنا البشرية التي نتوق فيها للتحرر من الآخر وللتعلق به في آن معًا".

يقوم العرض من ناحية الأداء الحركي على الخشبة على ثلاث مؤديات ومؤدّ واحد، يرتكز العرض على الشخصية المُستبِدة : سيدة ترتدي بدلة زرقاء (تؤديها الممثلة ماشا سمعان) التي أبدعت في هذا الدور بصوتها، وهمهماتها لبعثرة ضحاياها وإرباكهم. جسدت سمعان السجن النفسي والقيود التي تفرض على الأفراد، مما أثار تساؤلات عميقة حول السلطة وتأثيرها على الأحلام والآمال . الممثلة ماشا سمعان كانت رمزا لحالة السيطرة المطلقة على الجميع، حيث كانت قدرتها على التعبير الحركي تفوق الحاجة إلى الكلمات.

في دورها كمصممة الحركة ومخرجة العمل، جسدت شادن أبو العسل التعقيدات الإنسانية بين الفرح والحزن، الخضوع والرغبة في التحرر. ومن جهتها جسدت

الراقصة هيا خورية ، تمكنت من رسم الابتسامة على وجوه المشاهدين من خلال تجسيدها للجسد المقيد الذي يسعى للتحرر عبر الرقص. كان أداؤها معبرًا ومؤثرًا، مضيفة بعدًا عاطفيًا قويًا للعرض.

أما عنان أبو جابر فقد تميز بأدائه الحركي المذهل في هذا العرض..

وكان حضور عشتار معلم، الفنانة الفلسطينية المقيمة في فرنسا وراقصة السيرك، محورًيا في العمل المسرحي، بارتداء ثوبها الأسود،  حيث بدت كالطير الحر الذي يدعو الجميع لتحرير أجسادهم والانطلاق في الحياة.

لكن لماذا  غلب اللون الأزرق على العرض ؟

أليس لأنه رمز الذكورة في الثقافة الشعبية؟

ألا تقترف هذه السيدة جرماً سلطوياً ذكورياً بامتياز؟

السينوغرافيا

الديكور مدروس  مع حركة المؤدين ومع الإضاءة ليؤدي المطلوب منه بتكثيف عالٍ وهو عبارة عن غرضين مسرحيين أساسيين. الأول: كرسي شاهق الارتفاع كأنه برج مراقبة مُسيج يُحيل مباشرة لأبراج الاحتلال، الإضاءة كانت زرقاء معظم الوقت لتدل على الصرامة والسلطة خاصة أنها مناسبة للون ثياب السيدة التي تمثل الاستبداد من جهة وربما لتُذكر بالفضاء الأزرق الافتراضي .

التوظيف الموسيقي كان مبهران فقد أعّت الموسيقي الفضاء، وهيأت وعي المشاهد، واندمجت بشكل عضوي مع حركة المؤدين مستفيدةً من الدراماتورجيا والسينوغرافيا

فريق العمل

                        إخراج وتصميم حركة: شادن أبو العسل

                        فنانو العرض:

                        عشتار معلم

                        عنان أبو جابر

                        ماشا سمعان

                        هيا خورية

                        دراماتورجيا: حازم كمال الدين

                        سينوغرافيا: شادن أبو العسل، حازم كمال الدين

                        موسيقى: سعيد مراد

                        مهندس صوت: فادي مراد

                        تصميم إضاءة: محمد شاهين

                        تنفيذ الديكور: سمير حوّا

                        تنفيذ الملابس: هيفا كنغ

                        إدارة المراجعات: ناتالي نمر