في مدينة مجهولة وزمن غير معلوم تقرّر السلطات النحليّة صنع تمثال للكابتن "نوت" بصفته بطلا قوميّا من أبطال التحرير ورسموا له صورة مثاليّة في الكتاب الذي أعدّوه لتوزيعه في افتتاح حفل يستعدّون له منذ أشهر لبيع الوهم للناس... في الأسبوعين الأخيرين بلغت التحضيرات أشدّها والانتهازيون يستعجلون النحّات لاستكمال التمثال الذي استوحى العميد والمدير صورته من الوثائق الرسميّة، تتالى الأحداث وتتشابك بضهور مهدي المناضل العائد من غربة ثلاث سنوات، باحث التاريخ الذي حقّق في حقيقة الكابتن "نوت" ليعرّي حقيقة منظومة تقتات من الفساد وتزييف الحقائق وكتابة التاريخ وفقا لمزاجها ومصالحها.

تظهر شخصيّة "موجة" البحار السكّير مدمن المخدّرات وهو أحد أبناء الحي وتنفتح الأحداث على مسارات أخرى تُسقط مشروع الاحتفال في الماء وتنسف صورة المناضل من أساسها...

في فضاء اللعب تتحرّك ستّ شخصيات هي: النحّات (فنان النظام) والعميد والمدير ومهدي (المناضل) وغزل (ابن الحي الشعبي) و"موجة" تتشابك العلاقات بينها وتتواجه بين الإصرار على استكمال التّمثال بالصورة المثاليّة المزعومة من خلال تهديد النحّات وإغراءه بمنصب أكاديمي ومبلغ كبير من جهة ومحاولة إسكات مهدي وإبعاده عن مسرح الأحداث المزيّفة من جهة أخرى.

أثناء حديث السّكر تتكشّف الحقيقة تدريجيّا ويتضح أن الكابتن "نوت" مازال على قيد الحياة وما هو في الحقيقة سوى مجرّد بحّار انتهازي استغلّ معركة بحريّة لينتحل شخصية مناضل قتل في مواجهة مع العدو، هذه الحقيقة التي يستأثر بتفاصيلها "موجة" وحده لأنه هوّ نفسه "نوت" الذي اختفى لسنوات وترسّخ في المخيال الجمعي كبطل حارب العدو وقٌتل في سبيل هدف نبيل... إزاء هذه الحقائق الصادمة يغيّر النحات موقفه رافضا صنع تمثال لبطل وهمي بينما لم يتراجع العميد والمدير عن موقفهما (موقف السلطة) ويصرّان على إتمام مراسم الاحتفال بعد مواجهة النحات بمقتل "موجة" واتهام مهدي بارتكاب الجريمة، هذا الأخير الذي اتضح أنه الابن الشرعي للبطل المزعوم لم يستطع تحمّل الصدمة وأصيب بنوع من الجنون.

"تمثال الحجر" عمل يفضح لوبي يسترزق من الفساد والتزييف وبيع الوهم للشعب ممثّلا في أعوان سلطة خانعة تساعد النظام على إضفاء شرعيّة على كلّ عمل يُراد تمريره، كما يسلّط الضوء على وضعيّة الفنان عندما يكون بين المطرقة والسندان إمّا الطاعة وتنفيذ المطلوب أو الإقصاء والتهميش، من جهة أخرى يكابد المناضل المثقّف العارف ببواطن الأمور المدافع عن مصداقيّة التاريخ لكنه يصطدم بعصا السلطة وقدرتها على تحويل مجرى الأحداث إلى مصالحها... بين هذا وذاك يغرق ابن الحي الشعبي في الخمر والحشيش باحثا بين حين وآخر عن مكان له وسط هذا الصراع.

عمل كُتب بذكاء وبنية درامية متسلسلة بدت ككبة صوف متداخلة تم تفكيكها بسلاسة وبأداء حرفي لم يخلو من جانب كوميدي في الكثير من مفاصل الحكاية.