
HAKAIA Worldwide is a popular online newsportal and going source for technical and digital content for its influential audience around the globe. You can reach us via email or phone.
+(785) 238-4131
hakaia.latifa@gmail.com
ماذا قدمّ المسرح للفلسفة وماذا قدمت الفلسفة للمسرح؟ لماذا يجب "قتل" كلاسيكيات المسرح الغربي والتخلص من أشباح عطيل وليار وغيرهم؟ وما هي البدائل المتاحة للمسرح العربي؟ كانت هذه الأسئلة وغيرها محور مداخلة أستاذة الفلسفة الجامعية والروائية والشاعرة أم الزين بن شيخة، خلال اليوم الثالث من المنتدى الدولي"الفنان المسرحي: زمنه وأعماله".
وقد تولى الأكاديمي والباحث في الفن عمر علوي، تقديم هذه الروائية والباحثة والأكاديمية التي اختارت أن تسير عكس التيار وتسلك طريقها الخاص. وعندما أخذت الكلمة، استولت على اهتمام الحضور وجذب انتباههم بالتساؤل عن هذه الروابط "الخطيرة" بين المسرح والفلسفة والتقارب بين هذين التخصصين اللذين يبحثان في جوهر الوجود البشري.
"إّن المسرح هو المكان الذي يتحرر فيه عقلنا وجسدنا اللذان تم ترويضهما باسم التقاليد وباسم الدين..."، وفقا لأم الزين بن شيخة التي أكدت أن الفلسفة تضع مفاهيم للتفكير في العالم، بينما المسرح يحملها إلى خشبة المسرح، ويمنحها أجسادا وأصواتا ومواقف ملموسة. وبذلك يصبح المسرح، وفقًا لأم الزين بن شيخة، مساحة للتجريب الفلسفي حيث يمكن اختبار الأفكار من خلال الصراعات والحوار والخيارات الأخلاقية أو التناقضات. وبفضل قدرته على تجسيد الشك والتناقض وتعدد وجهات النظر، يوفر المسرح شكلا مرهفا من أشكال التفكير يكمل ويحيي النهج الفلسفي. كما أضافت : "لقد كتبت مؤخراً الكثير عن الجيل الجديد من الفنانين التونسيين. أنا لست ناقدة مسرحية، ولا أريد أن أكون كذلك. ولا أدعي أنني كذلك. خلال هذه العروض، كنت أبحث عن الفكرة والمفهوم... أنا أسير على خطى الفلسفة في المسرح".
أكدت المتحدثة أنّ المسرح كما الفلسفة يسعيان إلى استجواب الواقع، والتساؤل عن الإنسان، وكشف الآليات المرئية وغير المرئية التي تبني المجتمع.
المسرح... سلاح للصمود
في استضافة لإحدى الشخصيات البارزة في المشهد الثقافي السوداني والعربي، حضر الممثل والمخرج المسرحي علي مهدي نوري الذي قدمه الناقد المسرحي والثقافي السوداني عصام أبو القاسم. وقد استعرض مسيرته المهنية التي امتدت على مدى خمسين عاما. تخرج في عام 1974 وتخصص في مسرح العرائس وعمل على إضفاء الطابع المؤسسي عليه في السودان، لا سيما من خلال عمله في وزارة الثقافة وعمله في مجال الأطفال. سعيا منه لإعطاء معنى للثقافة الوطنية السودانية، يعتبر المسرح مساحة للنقل والمقاومة وإعادة البناء.
عرف علي مهدي نوري بمسرحه السياسي في "هو وهي" التي شكلت نقطة تحول استمر عرضها الجماهيري أكثر من سبع سنوات وانتقلت إلى معظم عواصم السودان وعرفت ببداية المسرح التجاري.كما أسس عام 2004 فرقة البقعة. ترتكز أعماله المستوحاة من التراث الثقافي السوداني على تقنيات السرد المختلفة فضلا عن الفولكلور وفن التمثيل. كما يقود مشاريع فنية في مناطق النزاع، حيث يقدم عروضاً لجنود أطفال سابقين أو أيتام حرب. وهو الحائز على جائزة اليونسكو- الشارقة للثقافة العربية في عام 2011 والناشط في المعهد الدولي للمسرح، تحدث الفنان عن طريقة تكيفه مع المشهد السياسي السوداني، مع الحفاظ على نفسه ووفائه لخياراته، قائلا: "بالتأكيد، لم يكن الأمر سهلا أبدا مع هؤلاء السياسيين الذين يبحثون عن أدنى خطأ، ولكن بقليل من المكر والحكمة قبل كل شيء، تمكنت دائما من الخروج من المأزق". كما استذكر علاقاته الطويلة الأمد مع تونس التي زارها لأول مرة في السبعينيات.
باتريس بافيس، المسرح بطريقة مختلفة
في عرضه عن الأكاديمي الفرنسي باتريس بافيس، أكد الأستاذ الجامعي والمترجم والمخرج التونسي محمد المديوني أن بافيس ساهم بشكل كبير في تجديد أساليب التحليل المسرحي من خلال دمج مناهج متعددة التخصصات، من اللغويات إلى الدراسات الثقافية، مع التركيز على قاموسه الشهير للمسرح الذي يعد مرجعا رئيسيا للطلاب والفنانين والباحثين. ركزت مداخلة بافيس وتقديم المديوني له وتفاعلات الحضورعلى مسيرة هذه الشخصية البارزة في الدراسات المسرحية المعاصرة، التي أثرت أعمالها تأثيرا عميقا على البحث والممارسة المسرحية. فرض بافيس نفسه منذ سبعينيات القرن الماضي كرائد في علم السيميائية المسرحية، حيث اقترح أدوات تحليلية تسمح بفهم المسرح كلغة معقدة مكونة من علامات بصرية وصوتية وجسدية ونصية. وقد ساهم كتابه "قاموس المسرح"، وهو عمل لا غنى عنه، في هيكلة هذا التخصص من خلال تقديم مصطلحات دقيقة وميسرة للطلاب والباحثين والفنانين. اهتم بافيس أيضا بقضايا الإخراج المسرحي والتعددية الثقافية والترجمة المسرحية، التي يتناولها كعمل إبداعي بحد ذاته. من خلال نهجه الدقيق وانفتاحه على التيارات الدولية، أثرى التفكير في الممارسات المسرحية وساهم في ترسيخ الدراسات المسرحية في حوار مستمر بين النظرية والإبداع.
صلاح القصب، أيقونة المسرح العربي
في اختتام المنتدى، كان الاحتفاء بحضور شخصية بارزة في المشهد المسرحي العربي، صديق تونس وأيام قرطاج المسرحية ،الفنان العراقي المتميز صلاح القصب. وقد سلطت محاضرة الأستاذ الجامعي في الأدب والنقد والتفسير رياض موسى سكران (العراق) الضوء على مسيرة هذا الفنان الذي نجح في ترك بصمة على المسرح العربي، والذي يعتبر ذاكرة حية وأحد أبرز رواد "مسرح الصورة"“. فهذا الفنان المتميز يصوغ المسرح كفضاء يلتقي فيه الشعر والفكرة، والضوء والقسوة، ليؤلف لوحات مسرحية نادرة في رؤيتها. في كلية الفنون الجميلة في بغداد، قام بتدريب أجيال كاملة من المخرجين، تاركا بصمة دائمة على كل من صادفهم في طريقه. حضر صلاح قصب النسخة الأولى من أيام قرطاج المسرحية في عام 1983، ويعود بانتظام إلى تونس، مثل الممثل الذي يعود إلى المسرح الذي شكل مهنته. وقد أثرت مسيرته، التي تميزت بالجرأة الجمالية والصرامة الفكرية، تأثيرا عميقا على تطور المسرح العربي المعاصر. واقتناعامنه بأهمية تشجيع وترويج رجال المسرح في العالم العربي، أنشأ جائزة باسمه، تُمنح سنويا خلال أيام قرطاج المسرحية، لفنان مسرحي متميز.